منوی اصلی

Epson WP-4535DWF


готовый интернет-магазин на joomla
رسول الله صلى الله عليه و آله

النبيّ الأعظم صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله

اسمه ونسبه صلى‏ الله‏ عليه‏ و ‏آله :

لقد تفرّع سيّد الأنبياء من اُصول كريمة شريفة، ومن أعفّ البيوت وأشرف الكمال والجلال.

فهو محمّد بن عبداللّه‏ بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبدمناف بن قُصيّ  بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فِهر بن مالك بن النضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نِزار  بن  مَعد  بن عدنان.

قال الماوردي: وإذا اختبرت حال نسبه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله وعرفت طهارة مولده علمت أنّه من سلالة آباءٍ كرام ليس فيهم مُسترذل، بل كلّهم سادة قادة، وشرف النسب وطهارة المولد من شروط النبوّة[1].

وكناه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: أبو القاسم، أبو الطاهر، أبو الريحانتين، أبو السبطين.

وألقابه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: المصطفى، المنتجب، البشير، النذير، حبيب اللّه‏، سيّد المرسلين، خاتم النبيّين، قائد الغرّ المحجّلين،... .

وأُمّه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله : آمنة بنت وهب بن عبدمناف بن زهرة بن كلاب... ، وهي
أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً [2].

مولده الميمون:

ولد صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله بمكّة في عام الفيل يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأوّل ـ على المشهور عندنا ـ .

عن حسّان بن ثابت قال: سمعت يهودياً يصرخ بأعلى صوته على أطَمَة[3] يثرب: يا معشر يهود. حتّى إذا اجتمعوا إليه قالوا له: ويلك مالك؟! قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي وُلد به[4].

وصحبت ولادة النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله بعض الخوارق والمعجزات منها: سقوط شرفات إيوان كسرى، وخمود نار فارس التي كان لها ألف عام على اتّقادها، وغيض بُحيرة طبرية[5].

زواجـه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله:

تزوّج وهو ابن خمس وعشرين سنة بخديجة بنت خويلد وكانت امرأة حازمة جلدة شريفة، آمنت برسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله و‏آلهأوّل بعثته وأعانته بأموالها على تبليغ رسالته، وكانت تُدعى في الجاهلية بـ «الطاهرة» ويُقال لها «سيّدة قريش».

 

وقال ابن شهرآشوب: روى أحمد البلاذري وأبوالقاسم الكوفي في كتابيهما، والمرتضى في الشافي، وأبوجعفر في لتلخيص: أنّ النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله تزوّج بها وكانت عذراء[6].

صفتـه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله:

كان رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله فخماً مفخماً، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر... ولريح عرقه أطيب من المسك الأذفر... ليس بالقصير ولا الطويل... سبط الشعر أسوده، كثّ اللحية... كأنّ عنقه إبريق فضّة...[7]  .

بعثته صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله:

بُعث رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله بالنبوّة في السابع والعشرين من شهر رجب يوم الاثنين وله أربعون سنة.

هجرته صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله:

بعد أن جنّدت كفّار قريش كلّ طاقاتها للصدّ عن سبيل اللّه‏، ورصد تحرّكات النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله وملاحقته، وتعذيب كلّ مَن يدخل الدين الجديد، وبعد الحصار الاقتصادي والاجتماعي ضدّ الهاشميّين وأبي طالب في الشِعب ـ الذي عُرف بشِعب أبي طالب ـ أمر النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله المسلمين بالهجرة
إلى المدينة.

وتعتبر الهجرة النبوية الشريفة من أعظم الأحداث وأكثرها أهمّيةً في تاريخ الإسلام، فقد كانت بدايةً لإقامة الدولة الإسلامية المباركة وانتشار الإسلام الحنيف.

قال أميرالمؤمنين عليه‏ السلام : دعاني رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله فقال: إنّ قُريشاً دبّرت كيت و كيت في قتلي، فَنَمْ على فراشي حتى أخرج أنا من مكّة، فقد أمرني اللّه‏ تعالى بذلك[8]. وذلك في قوله تعالى «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّه‏ُ وَاللّه‏ُ خَيْرُ الْمَـكِرِينَ»[9].

فرَقد أميرالمؤمنين عليه‏ السلام على فراش النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله واشتمل ببردته، وأخذ يبكي جزعاً لفراق رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله، فنزل قوله عزّوجلّ في عليّ عليه ‏السلام «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللّه‏ِ وَاللّه‏ُ رَءُوفُم بِالْعِبَادِ»[10].

هذا، وقد جعل المسلمون هجرة النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله بدءا للتاريخ الإسلامي.

حجّة الوداع وحديث الغدير:

كانت حجّة الوداع سنة عشر من الهجرة، وسمّيت بذلك لأنّه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله لم يحجّ بعدها، وقيل: لأنّه ودّع فيها النّاس وأعلمهم بدنوّ أجله.

 

ثمّ إنّ رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله لمّا قضى مناسكه قفل راجعاً إلى المدينة، فوصل إلى الموضع المعروف بغدير خمّ يوم الثامن عشر من ذي الحجّة، فنزل به ونزل المسلمون معه، وكان سبب نزوله في ذلك المكان نزول القرآن عليه بنصبه أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب عليه‏ السلام خليفةً له في الاُمّة من بعده. فأنزل اللّه‏ تعالى عليه «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»يعني في استخلاف عليّ والنصّ بالإمامة عليه «وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ واللّه‏ُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ»[11] فأكّد الفرض عليه بذلك، وخوّفه من تأخير الأمر فيه، وضَمِن له العصمة ومَنْع النّاس منه...

ثمَّ خطب صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله النّاس فقال في جملة منها: ... إنّي مُخلِّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي، كتاب اللّه‏ وعترتي أهل بيت، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض.

ثمّ نادى بأعلى صوته: ألستُ أولى بِكُم منكم بأنفسكم؟

قالوا: اللّهمّ بلى.

فقال ـ وقد أخذ بضبعَي[12] أميرالمؤمنين عليه ‏السلام فرفعهما حتّى بان بياض أبطيهما ـ : فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره واخذل مَن خذله.

 

وكان ممّن أطنب في تهنئته عمر بن الخطّاب، وقال فيما قال: بخٍ بخٍ لك يا أبا الحسن، أصبحتَ مولايَ ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنة[13].

بعض خصائصه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله :

ذكر علماؤنا رضي الله عنهم في كتبهم بعض خصائصه، وجمعها العلاّمة رحمه‏الله في كتابه «تذكرة الفقهاء»، وسنورد هنا بعض ما ذكروه من الواجبات عليه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آلهوكذا المحرّمات:

  1. السواك.
  2. الوتر.
  3. الاُضحية.
  4. قيام الليل.

5 . قضاء دَين من مات معسراً.

  1. مشاورة اُولي النُّهى.
  2. إنكار المُنكر إذا رآه، وإظهاره.
  3. حرمة الزكاة المفروضة عليه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله.
  4. حرمة الصدقة المندوبة عليه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله.
  5. حرمة الخطّ والشعر عليه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله. تأكيداً لحجّته، وبياناً لمعجزته.
  6. كان إذا لبس لأمة الحرب يحرم عليه نزعها حتّى يلقى العدوّ ويقاتل.

 

  1. كان إذا ابتدأ بتطوّع حرم عليه تركه قبل إتمامه.

وكان صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله لايأكل الثوم والبصل والكرّاث، ولا يأكل متّكئاً[14].

قبسٌ من أخلاقه وسيرته صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله:

كان أحكم النّاس وأحلمهم وأشجعهم وأعدلهم وأعطفهم وأسخاهم، وكان يجلس على الأرض وينام عليها، ويخصف النعل، ويرقّع الثوب، ويحلب الشاة، ويطحن مع الخادم إذا أعيا، ولا يأكل الصدقة، ولا يثبت بصره في وجه أحد، يغضب لربِّه ولا يغضب لنفسه، يردف خلفه عبده أو غيره، يركب الحمار بلا سرج، ويمشي راجلاً، ويشيّع الجنائز، ويعود المرضى، يجالس الفقراء، ويؤاكل المساكين ويناولهم بيده، وكان أكثر النّاس تبسُّماً، ولا يجزي بالسيّئة السيّئة بل يغفر ويصفح، يبدأ مَن لقيه بالسّلام، وكان لا يقوم ولا يجلس إلاّ على ذِكر اللّه‏.

عن جابر بن عبداللّه‏ قال: كنّا مع رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله بمرّ الظهران يرعى الغنم، وأنّ رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله قال: عليكم بالأسود منه فإنّه أطيبه.

قالوا: ترعى الغنم؟!

قال: نعم، وهل نبيّ إلاّ رعاها[15].

وعن الصادق عليه‏ السلام قال: كان رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله يأكل أكل العبد، ويجلس جلوس العبد، ويعلم أنّه عبد[16].

 

وعن الباقر عليه‏ السلام قال: كان رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله يأكل أكل العبد، ويجلس جلسة العبد، وكان يأكل على الحضيض[17]، وينام على الحضيض[18].

وعن الصادق عليه‏ السلام قال: مرّت امرأة بدوية برسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله وهو يأكل وهو جالس على الحضيض. فقالت: يا محمّد، واللّه‏ إنّك لتأكل أكل العبد، وتجلس جلوسه!

فقال لها رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: ويْحَكِ أيّ عبدٍ أعبد منّي[19]؟!

وعن أنس بن مالك قال: لم يكن شخص أحبَّ إليهم من رسول اللّه‏، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا إليه لما يعرفون من كراهيته[20].

وعن أميرالمؤمنين عليه‏ السلام قال: إنّ يهودياً كان له على رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آلهدنانير فتقاضاه.

فقال له: يا يهودي، ما عندي ما اُعطيك.

فقال: فإنّي لا اُفارقك يا محمّد حتّى تقضيني. فقال: إذاً أجلس معك. فجلس معه حتّى صلّى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة.

وكان أصحاب رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله يتهدّدونه ويتواعدونه.

فنظر رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله إليهم فقال: ما الّذي تصنعونه به؟

فقالوا: يا رسول اللّه‏ يهودي يحبسك؟!

 

فقال صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: لم يبعثني ربّي عزّ وجلّ بأن أظلم معاهداً ولا غيره.

فلمّا علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه‏، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله؛ وشطر مالي في سبيل اللّه‏، أما واللّه‏ِ ما فعلت بك الّذي فعلت إلاّ لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإنّي قرأت نعتك في التوراة: محمّد بن عبداللّه‏ مولده بمكّة، ومهاجره بطيبة، وليس بفظٍّ ولا غليظٍ ولا سخّابٍ ولا متزيّنٍ[21] بالفحش ولا قول الخناء، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه‏ وأنّك رسول اللّه‏، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل اللّه‏ . وكان اليهودي كثير المال [22].

وعن الباقر عليه‏ السلام قال: قال رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: خمس لست بتاركهنّ حتّى الممات: لباسي الصوف، وركوبي الحمار مؤكفاً[23]، وأكلي مع العبيد، وخصفي النعل بيدي، وتسليمي على الصبيان لتكون سُنّةً من بعدي[24].

وعن ابن عبّاس قال: كان رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير[25].

وعن الإمام الصادق عليه‏ السلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله وقد بلي
ثوبه، فحمل إليه اثني عشر درهماً. فقال: يا عليّ خذ هذه الدراهم فاشترِ لي ثوباً ألبسه.

قال عليّ عليه‏ السلام : فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصاً باثني عشر درهماً، وجئت به إلى رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله.

فنظر إليه فقال: يا عليّ، غير هذا أحبّ إليَّ، أترى صاحبه يقيلنا؟

فقلت: لا أدري.

فقال: انظر. فجئت إلى صاحبه فقلت: إنّ رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله قد كره هذا، يُريد ثوباً دونه فأقلنا فيه. فردّ عليَّ الدراهم وجئت به إلى رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله.

فمشى معي إلى السوق ليبتاع قميصاً، فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي، فقال لها رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: ما شأنك؟

قالت: يا رسول اللّه‏ إنّ أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لأشتري لهم بها حاجة، فضاعت فلا أجسر أن أرجع إليهم.

فأعطاها رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله أربعة دراهم، وقال: ارجعي إلى أهلك.

ومضى رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله إلى السوق فاشترى قميصاً بأربعة دراهم ولبسه وحمد اللّه‏، وخرج فرأى رجلاً عرياناً يقول: مَن كساني كساه اللّه‏ من ثياب الجنّة.

فخلع رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله قميصه الذي اشتراه وكساه السائل.

ثمّ رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة الّتي بقيت قميصاً آخر، فلبسه وحمد اللّه‏ ورجع إلى منزله، وإذا الجارية قاعدة على الطريق فقال لها رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: مالكِ لا تأتين أهلك؟!

قالت: يا رسول اللّه‏ إنّي قد أبطأت عليهم وأخاف أن يضربوني.

 

فقال رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: مرّي بين يديّ ودلّيني على أهلك.

فجاء رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله حتّى وقف على باب دارهم ثمّ قال: السّلام عليكم يا أهل الدار. فلم يجيبوه، فأعاد السّلام فلم يجيبوه، فأعاد السّلام فقالوا: عليك السّلام يا رسول اللّه‏ ورحمة اللّه‏ وبركاته.

فقال لهم: مالكم تركتم إجابتي في أوّل السّلام والثاني؟!

قالوا: يا رسول اللّه‏ سمعنا سلامك فأحببنا أن تستكثر منه.

فقال رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: إنّ هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تُؤاخذوها.

فقالوا: يا رسول اللّه‏ هي حرّة لممشاك.

فقال رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: الحمد للّه‏، ما رأيت اثني عشر درهماً أعظم بركة من هذه، كسا اللّه‏ بها عريانين، وأعتق بها نسمة[26].

وعن الزهري قال: ... لمّا توفّي أبوطالب اشتدّ البلاء على رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آلهأشدّ ما كان، فعمَد لثقيف بالطائف رجاء أن يؤووه ـ إلى أن قال: ـ فقعدوا له صفَّين على طريقه. فلمّا مرّ رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله بين صفَّيهم كان لايرفع رجليه ولا يضعهما إلاّ رضخوهما بالحجارة، وقد كانوا أعدّوها حتّى أدموا رجليه، فخلص منهم ورجلاه تسيلان الدماء، فعمد إلى حائط من حوائطهم واستظلّ في حَبَلة[27] وهو مكروب موجع.

فإذا في الحائط عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، فلمّا رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما للّه‏ ولرسوله، ولمّا رأياه أرسلا إليه غلاماً
لهما يُدعى «عداس» وهو نصراني من أهل نينوى، معه عنب.

فلمّا جاءه عداس قال له رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: من أيّ أرضٍ أنت؟

قال: أنا من أهل نينوى.

فقال صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: من مدينة الرجل الصالح يونس بن متّى.

فقال له عداس: وما يُدريك مَن يونس بن متّى؟!

فقال له رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله ـ وكان لا يُحقّر أحداً أن يبلّغه رسالة ربّه ... : أنا رسول اللّه‏، واللّه‏ تعالى أخبرني خبر يونس بن متّى.

فلمّا أخبره بما أوحى اللّه‏ إليه من شأن يونس بن متّى خرّ عداس ساجداً للّه‏، وجعل يُقبّل قدميه وهما تسيلان الدماء[28].

وعن أبي ذرّ قال: كان رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله يجلس بين ظهرانَي أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيّهم هو حتّى يسأل[29]...

وعن أنس بن مالك قال: إنّ النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله أدركه أعرابي فأخذ بردائه فجبذه جبذةً شديدة ـ حتّى نظرت إلى صفحة عنق رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله وقد أثّرت به حاشية الرداء من شدّة جبذته ـ ثمّ قال له: يا محمّد، مُر لي من مال اللّه‏ الّذي عندك، فالتفت إليه رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله فضحك وأمر له بعطاء[30].

وعن جابر قال: كان رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله إذا خرج مشى أصحابه أمامه، وتركوا ظهره للملائكة[31].

 

وروي أنّ رسول اللّه‏ لا يدع أحداً يمشي معه إذا كان راكباً حتّى يحمله معه، فإن أبى قال: تقدّم أمامي وأدركني في المكان الّذي تريد[32].

وكان الجِلف البدوي يرى وجهه الكريم فقال: واللّه‏ ما هذا وجه كذّاب[33].

وكان جميل بن معمر الفهري حفيظاً لما يسمع ويقول: إنّ في جوفي لقلبين، أعقل بكلّ واحدٍ منها أفضل من عقل محمّد. فكانت قريش تسمّيه ذا القلبين.

فتلقّاه أبوسفيان يوم بدر ـ وهو آخذ بيده إحدى نعليه والاُخرى في رجله ـ فقال له: يا بامعمر ما الخبر؟

قال: انهزموا.

قال: فما حال نعليك؟

قال: ما شعرت إلاّ أنها في رجلي لهيبة محمّد[34].

وأمر النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله ببناء المسجد وعمل فيه رسول اللّه‏ بنفسه، فعمل فيه المهاجرون والأنصار، وأخذ المسلمون يرتجزون وهم يعملون فقال بعضهم:

 

لئن قعدنا والنبيّ يعمل

 لذاك منّا العمل المُضلّل

 

والنبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله يقول:

 

 

لا عيش إلاّ عيش الآخره

 اللّهمّ ارحم الأنصار والمهاجره[35]

 

وعن عليّ عليه‏ السلام قال: ما صافح رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله أحداً قطّ فنزع يده من يده حتّى يكون هو الّذي ينزع يده.

وما فاوضه أحدٌ قطّ في حاجة أو حديث فانصرف حتّى يكون الرجل هو الّذي ينصرف.

وما نازعه أحدٌ الحديث فيسكت حتّى يكون هو الّذي يسكت.

ومارُئي مقدِّماً رجله بين يدي جليسٍ له قطّ.

ولا عرض له قطّ أمران إلاّ أخذ بأشدّهما.

وما انتصر نفسه من مظلمة حتّى ينتهك محارم اللّه‏ فيكون حينئذٍ غضبه للّه‏ تبارك وتعالى.

وما أكل مُتّكئاً قطّ حتّى فارق الدنيا.

وما سُئل شيئاً قطّ فقال: لا.

وما ردّ سائلاً حاجة قطّ إلاّ بها أو بميسورٍ من القول.

وكان أخفَّ النّاس صلاةً في تمام...

وكان يُعرف بالريح الطيّب إذا أقبل.

وكان إذا أكل مع القوم كان أوّل من يبدأ، وآخر مَن يرفع يده.

وكان إذا أكل أكل ممّا يليه، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده.

وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس.

وكان يمصّ الماء مصّاً، ولا يعبّه عبّاً.

 

وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وإعطائه، فكان لا يأخذه إلاّ بيمينه ولا يعطي إلاّ بيمينه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه.

وكان يحبّ التيمّن في كلّ اُموره، في لبسه وتنعّله وترجّله.

وكان إذا دعا دعا ثلاثاً.

وإذا تكلّم تكلّم وتراً.

وإذا استأذن استأذن ثلاثاً.

وكان كلامه فصلاً يتبيّنه كلّ مَن سمعه.

وإذا تكلّم رُئي كالنور يخرج من بين ثناياه.

وإذا رأيته قلت: أفلج الثنيتين، وليس بأفلج.

وكان نظره اللحظ بعينه.

وكان لا يكلّم أحداً بشيء يكرهه.

وكان إذا مشى كأنّما ينحطّ من صبب[36].

وكان يقول: إنّ خياركم أحسنكم أخلاقاً.

وكان لا يذمّ ذواقاً[37] ولا يمدحه.

ولا يتنازع أصحابه الحديث عنده.

وكان المحدِّث عنه يقول: لم أرَ بعيني مثله قبله ولا بعده صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله[38].

 

من روائع حِكمه صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله:

لا عقل كالتدبير، ولاورع كالكفّ، ولا حسب كحُسن الخُلق[39].

صديقُ كلّ امرئٍ عقله، وعدوّه جهله[40].

طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، ألا إنّ اللّه‏ يُحبّ بُغاة[41] العلم[42].

صِلْ مَن قطعك، وأعطِ مَن حرمك، واعف عمّن ظلمك[43].

مَن أراد أن يكون أعزّ الناس فليتّق اللّه‏ عزّ وجلّ[44].

بادروا بعمل الخير قبل أن تُشغلوا عنه، واحذروا الذنوبَ فإنّ العبد يُذنب الذنب فيُحبس عنه الرزق[45].

لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من كبر[46].

مَن أحبّ أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد اللّه‏ أوثق منه بما في يده[47].

 

بعض معجزاته صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله:

1 ـ القرآن الكريم:

وهو أعظم معجزة خالدة على مرّ العصور، حيث أعجز فُصحاء العرب عن مجاراته والإتيان بمثله.

2 ـ انشقاق القمر:

عن ابن عبّاس: اجتمع المشركون إلى رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله منهم: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل، والعاص بن وائل، والعاص بن هشام... ونُظراؤهم، فقالوا للنبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: إن كنت صادقاً فشقّ لنا القمر فرقتين، نصفاً على أبي قُبيس، ونصفاً على قعيقعان. فقال لهم النبىّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله: إن فعلت تُؤمنوا؟ قالوا: نعم.

وكانت ليلة بدر، فسأل اللّه‏ عزّوجلّ أن يُعطيه ما سألوا؛ فأمسى القمر قد سلب نصفاً على أبي قُبيس، ونصفاً على قعيقعان، ورسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آلهيُنادي: يا أبا سلمة بن عبدالأسد والأرقم بن الأرقم اشهـدوا[48].

3 ـ معجزة النخلة:

روي عن أبي عبداللّه‏ عليه‏ السلام أنّه قال: من الناس مَن لا يؤمن إلاّ بالمعاينة، ومنهم مَن يؤمن بغيرها. إنّ رجلاً أتى النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله فقال: أرني آية. فقال بيده[49]
إلى النخلة فذهبت يمنة، ثمّ قال هكذا فذهبت يسرة، فآمن الرجل[50].

فضل موضع قبره صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله ومسجده:

روى ابن قولويه في كامل الزيارات بإسناده عن أبي عبداللّه‏ عليه‏ السلام ـ ضمن حديث ـ قال: إنّ رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله قال: مابين منبري وقبري روضة من رياض الجنّة، وإنّ منبري على تُرعة من تُرَعِ الجنّة، وقوائم المنبر رتب في الجنّة[51].

وروى الشيخ الصدوق فى من لايحضره الفقيه عن أميرالمؤمنين عليه‏ السلام قال: لا تُشَدُّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد رسول اللّه‏، ومسجد الكوفة[52].

وروى الشيخ الكليني في الكافي بإسناده عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبداللّه‏ عليه‏ السلام : إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله فأتِ المنبر فامسحه بيدك وخذ برمّانتيه ـ وهما السفلاوان ـ وامسح عينيك ووجهك به، فإنّه يقال إنّه شفاء العين، وقُم عنده فاحمد اللّه‏ وأثن عليه وسل حاجتك فإنّ رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آلهقال: مابين منبري وبيتي روضة من رياض
الجنّة، ومنبري على تُرعة من تُرَع الجنّة ـ والتُرعة هي الباب الصغير ـ .

ثمّ تأتي مقام النبيّ صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله فتصلّي فيه مابدا لك، فإذا دخلت المسجد فصلّ على النبيّ، وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك، وأكثر من الصلاة في مسجد الرّسول صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله[53].

وفاته صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله :

كانت وفاته صلى ‏الله‏ علیه ‏و‏ آله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شهر صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة، عند أكثر الإمامية.

وقال الكليني: لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأوّل في السنة المذكورة.

وقال المفيد والطوسي: سنة عشر من الهجرة[54].

 

 

[1] ـ السيرة الحلبية: 1/28.

[2] ـ راجع السيرة النبوية لابن هشام: 1/156.

[3] ـ أطمَة: الحِصن.

[4]           ـ السيرة النبوية لابن هشام: 1 / 159.

[5] ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى: 1/228 رقم 1117.

[6]           ـ مناقب آل أبيطالب: 1/159.

[7] ـ راجع عيون أخبار الرضا عليه‏ السلام : 1/246 ح 1، والبداية والنهاية: 6/21، ومسند أحمد: 1/127، وأعيان الشيعة: 1/220، والخصال: 598، وغيرها.

[8] ـ الخرائج والجرائح: 1 / 143 ح 231.

[9] ـ الأنفال: 30.

[10] ـ البقرة: 207.

[11] ـ المائدة: 67.

[12] ـ الضّبْعُ: وسط العَضُد، وقيل: العَضُدُ كُلُّها. والعضُد هو مابين المرفق إلى الكتف ويُقال له: الساعد.

[13] ـ انظر الغدير: 1 / 276، وشواهد التنزيل: 1 / 203 ح 213.

[14] ـ انظر تذكرة الفقهاء: 2 / 565 ـ 566 الطبعة القديمة والبحار: 16 / 382 ـ 388 ضمن رقم 96.

[15] ـ بحارالأنوار: 16/224 ح 24.

[16] ـ نفس المصدر: 16/225 ح 29.

[17] ـ الحضيض: الأرض.

[18] ـ بحارالأنوار: 16/225 ح 30.

[19] ـ نفس المصدر: 16/225 ح 31.

[20] ـ نفس المصدر: 16/229 ذيل ح 35.

[21] ـ قال المجلسي: في بعض النسخ بالراء بدل الزاي، ومعناها: لا يدنّس نفسه بذلك.

[22] ـ بحارالأنوار: 16/216 ح 5 .

[23] ـ الوكاف: البرذعة، وهي ما يُوضع على الحمار أو البغل ليُركب عليه، كالسّرْج للفرس . المعجم الوسيط: 2 / 1067.

[24] ـ بحارالأنوار: 16/220 ح 11.

[25] ـ بحار الأنوار: 16/222 ح 19.

[26] ـ بحار الأنوار: 16/214 ح 1.

[27] ـ الحَبَلة: طاق من قُضبان الكَرم. لسان العرب: 11/138.

[28] ـ بحارالأنوار: 19/6 ـ 7 ضمن ح 5.

[29] ـ المصدر السابق: 16/229 ضمن رقم 35.

[30] ـ بحار الأنوار: 16/230 ضمن رقم 35.

[31] و 5 ـ المصدر السابق: 16/236 ضمن رقم 35.

[32]

[33] ـ المناقب لابن شهرآشوب: 1/123.

[34] ـ المناقب لابن شهرآشوب: 1/126.

[35] ـ المناقب لابن شهرآشوب: 1/185.

[36] ـ قال ابن عبّاس: أراد به أ نّه قويّ البدن، فإذا مشى فكأ نّه يمشي على صدر قدميه من القوّة. لسان العرب: 1 : 517.

[37] ـ الذواق: هو المأكول والمشروب. لسان العرب: 10/111.

[38] ـ بحارالأنوار: 16/236 ـ 237 ضمن رقم 35.

[39] ـ مجمع الزوائد: 4 / 393 ضمن ح 7113.

[40] ـ بحار الأنوار: 77 / 176 ضمن رقم 9.

[41] ـ البغاة: الطلاّب.

[42] ـ الكافي: 1 / 30 ح 1.

[43] ـ مسند أحمد: 4 / 158.

[44] و10 ـ بحار الأنوار: 77 / 171 ضمن رقم 6.

[45]

[46] ـ إرشاد القلوب: 189.

[47] ـ تحف العقول: 27.

[48] ـ السيرة النبوية لابن كثير: 2 / 18 ـ 19.

[49] ـ أي أشار.

[50] ـ الخرائج والجرائح: 1 / 90 ح 149.

[51] ـ كامل الزيارات: 16 ب 3 ح 2، عنه البحار: 100 / 151 ح 19. وفي الكافي: 4 / 553 ضمن ح1، ومعاني الأخبار: 267 صدر ح 1، والتهذيب: 6 / 7 ضمن ح 5 إلى قوله «ترع الجنّة». وفي الفقيه: 2 / 568 ح 3160 مرسلاً مثله. وراجع موسوعة زيارات المعصومين عليهم‏السلام : 1 / 35 رقم 73.

[52] ـ من لا يحضره الفقيه: 1 / 231 ح 694. ورواه أيضاً في الخصال: 143 ح 166 مثله. وراجع موسوعة زيارات المعصومين عليهم‏السلام : 1 / 37 رقم 79.

[53] ـ الكافي: 4 / 553 ح 1. وفي التهذيب: 6 / 7 ح 5 مثله. وراجع موسوعة زيارات المعصومين عليهم‏السلام : 1 / 39 رقم 84.                                            

[54] ـ راجع موسوعة زيارات المعصومين: 1/5.

logob.pngimam-hadi-b-logo.png

contactus1.pngبرچسب ها

موسسه امام هادی علیه السلام،امام هادی علیه اسلام،تصحیح، تحقیق، تألیف، احیاءتراث، نشرمعارف اسلامی

 

contactus1.png  ارتباط با ما

 تلفن تماس موسسه :

025-38825255

تلفن تماس انتشارات :

025-38833677

نشانی: قم – نیروگاه- خیابان توحید-کوچه 5- پلاک 31

logoo.png

  

imam-hadi-b-logoEN.png

wordpress themes
всё для сантехники